الأربعاء، 6 يناير 2016

ملاحقة الموضة

أدي تطور وسائل الاتصال ونقل المعلومات إلى كثير من اتجاهات الموضة حولنا، فبدلا من أن تكون اتجاهات الموضة الخارجية بالنسبة لنا هي الاتجاهات الفرنسية والإيطالية توسعت حتى أصبحت هناك اتجاهات كورية ويابانية وأمريكية وبرازيلية.
 حيث الإعلام يفرض علي المشاهدين موديلات الإعلانات وملكات الجمال بالإضافة الي العارضات والعاملين في تصميم الازياء والمطربين كنجوم للمجتمع، وتسابقت الفضائيات في بث وعرض آخر صيحات الموضة في الأزياء والماكياج وتسريحات الشعر وغيرها، وأصبحت هناك العشرات من البرامج المتخصصة في نقل وعرض خطوط الموضة العالمية، وتتغير بالطبع شكل وفكرة الموضة بطبيعتها من وقت للأخر لتطارد الشباب والفتيات لاسيما أنهم اكثر فئات المجتمع تأثرا بالموضة ومتابعة لأخر تطوراتها، حيث تتميز مرحلة الشباب بالتقلب والتمرد والبحث عن الجديد، وينساق الشباب من وقت إلى آخر وراء كل موضة جديدة، حيث هم الفئة الأكثر طموحا وتطلعا للمستقبل.


والموضة تعكس التغيير في جوانب الحياة الجمالية والاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، والمجتمع بأفراده يستخدمون الموضة للتعبير عن أذواقهم المشتركة ونمط الحياة السائد لتشكل معا أسلوب حياة هذا المجتمع، وذلك يتم ترجمته من قبل المصممين في عالم الموضة إلى مفاهيم جديدة ثم ترجمتها إلى منتجات، فستايل الملابس هو الأسلوب الذي يختار به الأفراد والجماعات نوعية ملابسهم، وطريقة ارتدائها واستخدامهم لها من خلال تفاعلهم وتكيفهم مع البيئة التي يعيشون فيها والمجتمع الذي ينتمون إليه مع التعبير عن الذات الفردية وبذلك يعكس القيم التي يعتقدون ويتمسكون بها.

وتلعب الملابس دورا سيكولوجيا في حياة الأفراد فهي التي تشكل المظهر الخارجي للفرد وتعبر أحيانا عن ذاته وتعطيها صفات خاصة، فقد تزيد من رونق الشخص وتكسبه وقارا وقوة وقد تحط من قيمته بالإضافة إلى أنه غالبا ما يكون لها أثر معين على حالة من يلبسها ومن يشاهدها، وللملابس أهمية اجتماعية كبيرة حيث تؤثر على العلاقة بين الأفراد، وأن إتباع الموضة ليست سمة خاصة أو شخصية بل تنطوي على سمات اجتماعية فالاهتمام بالشكل الخارجي أمر مطلوب والكل يسعى إلى التميز ومواكبة الجديد سواء من الفتيات أو الشباب، ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة مبالغة بعض الشباب في ذلك، لا لسبب سوى لجذب الانتباه تحت ستار (الموضة) فنشاهد كل ما هو غريب سواء كان ذلك في الملابس أو المكملات أو قصات الشعر أو بعض العادات الغريبة.
والسعي لملاحقة الموضة قضية اجتماعية خطيرة تواجه المجتمعات الإسلامية، في ظل ظروفها الاقتصادية والاجتماعية المتردية، والنفس البشرية تتوق دائما للجمال وتعجب به، وقد أمر الله -عز وجل -عباده بالتزين والتجمل في غير إسراف، مع التأكيد على أن لباس التقوى هو الساتر الحقيقي للإنسان، قال تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}
لذا يجب التفكير جديا في حقيقة أن نزعة التحرر من الإقليمية بسبيلها إلى التحول سريعا إلى مظهر من مظاهر الحياة اليومية للمجتمعات الغربية الحديثة، فالثقافات المتنوعة التي كانت تعتبر يوما ما دخيلة وبعيدة قد أصبحت الآن في متناول اليد في صورة سلع متنوعة عن طريق أجهزة وسائل الإعلام المتنوعة التي تعد مصدرا رئيسيا ومتناميا لتكوين الهوية الثقافية، لكن لابد من محاولة تقليل آثارها السلبية، لذلك يجب أن ننمى الشعور بالانتماء للمجتمع وعاداته وتقاليده الأصيلة، ووجود ارتباط بين تطور وسائل الإعلام ونشر ثقافة العولمة بين الشباب في المجتمع المصري،